الصفحة الرئيسية   الدروس الرئيسية   لمحة عن الكاتب   اتصلوا بنا ‎من أجل الدعم والإستفسار  
 
كتب AYP بالعربية




للمزيد من كتب يوغاني المترجمة للعربية
اضغط هنا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>
الدرس 428- تحول الأنانية
للأعضاء الجدد: من المفضل قرأة الدروس من البداية، لأنها ضروريةٌ لفهم الدروس الحالية بشكل صحيح. أول درس هو "الهدف وراء هذا الحديث."

س: من بعد عدة أعوام من الممارسة، فهمت أن"الأنانية" هي الشعور بذات منفصلة عن الشاهد الداخلي (الذات الحقيقية). في حين أنني اعلم أن الذات المنفصلة ليست موجودة، لكنني ما زلت أصادفها في حياتي، خصوصاً على شكل "أنا، ولي". في معظم الأوقات لا استطيع تجنب هذا التماثل بالذات المنفصلة. كما يبدو أن هذه الأنانية تتصرف لوحدها، تتسلل إلى حياتي بأشكال لا ارغب بها، فتحاول أن تحد من الفرح العفوي الموجود عندي. الآن فهمت لماذا يقول الكثير من المعلمون أن الأنانية هي مصدر كل التعاسة في العالم. سؤالي هو: كيف أتخلص من هذه الأنانية التي تحدني لأتمكن من التمتع من جميع منافع التنور؟ هل ما زال من المبكر بالنسبة لي القيام بالبحث عن الذات؟

ج: ليس هناك من "تخلص" من الأنانية، لأن الأنانية هي نتيجة الفكر، بالتالي أن العمل على التخلص من شيء ما هو أيضا عمل نابع من الفكر. نستطيع تحريك الأشياء في الفكر و لكن لا نستطيع التخلص منها، إلا من خلال تخطي الفكر ككل. هذا هو هدف التأمل- تنمية الصمت الداخلي المرسخ الذي يتعدى الفكر. لكن عند القيام بذلك، نحن لا نتخلص من الفكر أو من الأنانية، نحن فقط نضيئها بواسطة نورنا الداخلي لغبطة الوعي الصافي. هكذا، أن الفكر و الأنانية يتحولان في دورهما و في تعبيرهما في حياتنا، التي تشع أكثر وأكثر من المصدر الغير متناهي للسلام و الإبداع الموجود في داخلنا.

من بعد بضعة أعوام من الممارسة، بدأت تشعر بالصمت الداخلي و للتدفق الإلهي يظهران في حياتك اليومية، ومن الطبيعي أن ترغب بأن تصبح هذه تجربة مستمرة. إن البهاكتي هي التي تدفعك قدماً. إن الصمت الداخلي يضخم البهاكتي و يدفعنا أيضا نحو البحث عن الذات. هذا أمر طبيعي. عندما تصبح أفكارنا ومشاعرنا، من ضمنها الأنانية، أو "الأنا فكرة" أشياء يتم إدراكها على شاشة الصمت الداخلي المرسخ (الشاهد)، نميل عفوياً للقيام بشيء ما بخصوصها لأنها تؤثر على رؤيتنا و على أعمالنا في الحياة بشكل سلبي تماماً مثل الأعمال النابعة من "أنا، لي". بالطبع نريد التخلص من هذا. لكن القيام بذلك لا يتم عبر القيام بعمل. انه يتم عبر عدم القيام بأي شيء. هذه هي الخدعة.

إذا كنت تميل للبحث عن الذات، عندها يكون قد حان وقت هذا البحث. لكن، تماماً مثل باقي الممارسات، أن التثبيت الذاتي ضروري. إن البحث عن الذات قد يكون مفيداً جداً عندما نتمكن من أطلاق بحثنا في الثبات (مفعول سامياما)، مهما كانت تقنية البحث عن الذات التي نستعملها. من الواضح أن هذا يتطلب وجود مسبق لبعض من الصمت الداخلي المرسخ. سنعلم أن بحثنا عن الذات ناجح في الثبات (مع صلة) إذا شعرنا بذوبان تماثل وعينا مع الأشياء. أما إذا شعرنا بتعب، مجهود، إحباط، ضياع، صداع الخ….عندما من المؤكد أننا لم نصل إلى مرحلة كافية من الصمت الداخلي المرسخ (من دون صلة) بالتالي يجب القيام بالتثبيت الذاتي. الدرس 356 يشرح الفرق ما بين البحث عن الذات مع صلة و من دون صلة. سنعلم أن البحث عن الذات ناجح عندما نجد أن شعورنا بالذات يتوسع تدريجياً ليتخطى حدود الأنا ولي. هذا ليس حذف للأنانية، انه تحول توسعي له. هذا ليس توسع للأنا، ولكنه توسع لغبطة الوعي الصافي المشعة عبرنا.

إن الأنانية هي الوعي المتماثل. انه نفس الوعي الذي نجده في التنور عندما يذوب التماثل. نفس الوعي- حالة سعيدة أكثر بكثير. أحياناً استعملنا التشبيه التالي: إن الجهاز العصبي هو مثل النافذة التي بحاجة إلى تنظيف. من الداخل هناك غبطة الوعي الصافي، ومن الخارج هناك المشهد المشوه للنقاء الذي نراه عبر الزجاج الوسخ. من خلال الطرق اليوغية، إننا ننظف النافذة، لتصبح الرؤيا أكثر وضوحاً و نقاءً.في هذا التشبيه، إن "الأنانية" هي مشهد غبطة الوعي الصافي من خلال النافذة الوسخة. كلما نظفنا الزجاج، كلما أصبح المشهد أوضح ويصبح الإدراك والتصرف أكثر إضاءة. قد يبقي القليل من التشويه ، ولكن مع الوقت سيختفي تماماً. إن ممارسات الجلوس تقوم بهذه المهمة، وبدأنا بالبحث عن الذات سيوضح كل الإدراك الخاطئ المتبقي. نكتشف أننا لم نكن يوماً هذا المشهد المشوه من خلال الزجاج الوسخ، فقط كنا نتماثل معه.

هل هذا تخلص من الأنانية أم انه تحويل له؟ لأن هذه العملية ستكون تدريجية بالنسبة إلى معظمنا، انه تحول وليس تخلص. إذا رأينا العملية على أنها تحول، نتمكن من قبول وهم "الأنانية" مهما كان مستواه، من دون أن نتصارع مع أنفسنا لدفعه خارجاً. إن دفع الأنانية نحو الخارج يقويها كما انه عمل ضمن إطار الفكر. إن جعل الأنانية والفكر أعداء لنا لا يعطي أي نتيجة (راجع الدرس 354). من الأفضل أن نضيء الأنانية تدريجياً من داخلنا من خلال تنظيف الزجاج، وفي يومٍ ما سندرك أن غبطة الوعي الصافي يعبر عن نفسه أيضا من خلال هذا الشكل الغير نقي. في مرحلة "الإدراك" يبدأ البحث عن الذات المفيد. وليس قبل ذلك الحين. إن الصمت الداخلي المرسخ و عملية التطهير و الانفتاح الداخلي تؤدي إلى هذه الحالة حيث البحث عن الذات يصبح مع صلة (في الثبات). نسمي هذه المرحلة "النضوج"، أي نحن على بضع خطوات فقط من الوقوع كالثمرة عن الشجرة ، في السلام والسعادة الغير متناهية مهم حصل من حولنا. قد يحصل تراجع في أي مرحلة من هذه المراحل، ولكن عندا يصل جهازنا العصبي (نافذتنا) إلى مستوى معين من النقاء، من الصعب التراجع. عندها، إن الحالة العفوية للحب الإلهي المتدفق و الثبات في العمل تعملان 24 ساعة في النهار، 7 أيام في الأسبوع.

لا يجب أن ننسى أن الأنانية هي عربتنا الأولية نحو التنور. من غير الأنانية سيقضي على الجهل أثناء الجلوس على الجزء الذي سيتداعى؟ لا داعي للقلق. إن الوقوع سيكون في السلام والسعادة الغير متناهية. على الرغم من "الأنا، لي" ، إن الأنانية دائما تبحث عن توسيع قوتها ومشهدها. عندما نكتشف أن كل القوة تأتي عبر التوجه نحو داخلنا، إن الأنانية ستوصلنا إلى هذه النقطة تماماً. لا احد غير الأنانية سيقوم بهذا العمل. لو لم تكن الأنانية هي التي تقطع طرف الجهل الذي تجلس عليه، لم يكن الطرف موجود أصلاً، لأن هذا الطرف هو الذي يحدنا. علبنا العمل من خلال هذه المحدودية للوصول إلى الغير محدود. هذا هو عمل الممارسات الروحية وكيفية عملها. من الغريب أن الأنانية عي عربتنا نحو التنور. علينا العمل من خلال المكان الذي نحن فيه. ليس من الممكن العمل من مكان لم نصل إليه بعد

مؤخرا سألني شخص ما الأمر التالي: لا بأس من التأمل على النجاح في العمل؟ أجبت، أكيد، قوم بذلك. من المؤكد أن التأمل على العمل سيؤدي إلى مشهد أوسع. إذا لم نشجع هذا الشخص على التأمل على العمل، كيف سيتمكن من تخطي هذه الحاجة؟ إن التأمل و الانخراط الكامل في الحياة هو الطريق الأسرع للقيام بذلك، وليس عبر الإدانة أو تجاهل التعلق بالعمل.

الأمر ذاته ينطبق على الصحة. الملايين يقومون باليوغا من اجل الصحة. لما لا؟ انه أمر ناجح ويؤدي إلى المزيد من الصحة الجسدية.

إن الأنانية هي التي تريد أن تتأمل وهذا أمر عظيم. سنصل إلى ابعد من السبب الذي يتخيله- حتى فكرة التنور. من الصعب مهما حاولنا أن نتخيل طريقنا ابعد مما هو عليه. فقط نستطيع تطهير العربة (الجهاز العصبي/ النافذة) ونصبح تعبير كامل لطبيعتنا الجوهرية التي هي غبطة الوعي الصافي. قد يبدون أن الأنانية تعرقلنا، هذه مجرد عادة قديمة ، مع الوقت ستختفي مع استمرارنا بالممارسات اليومية. تماماً مثل ذوبان كل تصرفاتنا السلبية القديمة.

بصراحة، لا أجد شيئا آخر يريد التأمل إلا الأنانية (الوعي المتماثل). لو لم تكن الحالة كذلك ، لن يكون هناك إلا الوعي الصافي، ولن يكون التأمل يعني التطهير و الانفتاح، بل مجرد التمتع في الغير متناهي. حتى في ذلك الحين، إن الفرد (ظل الأنانية التي تحولت) هو الذي سيجلس للتأمل. أم أن الثبات في العمل هو الذي سيجلس ليتأمل؟ هل هذا مهم؟

نستطيع العمل فقط من المكان الذي نحن فيه. وليس هناك إفادة عملية بتقسيم نفسنا ما بين السيء و الجيد، الأنانية و غير الأنانية. كله شيء واحد (وعي واحد) في عملية التحول من التعبير من خلال التماثل إلى التبير من دون تماثل.

عندما نتكلم عن التحول الروحي الإنساني، نحن نتكلم عن التنور من الداخل. انه تنور القلب، الفكر، وكل أعمالنا في العالم. مما يغير دور هذه العوامل في طبيعتنا، من ضمنها الناحية التي تربطنا بوعي في تعبيرنا عبر الجسد/الفكر في المكان و الزمان. وهذه هي الأنانية، حتى ولو تركت أثراً خفيفاً جداً في الثنائية قبل أن يعمها الضوء الداخلي. إن النتيجة هي الصمت الداخلي المرسخ، غبطة النشوة و تدفق الحب الإلهي لمصلحة الجميع على هذه الأرض وأكثر.

المعلم في داخلك.
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>