الصفحة الرئيسية   الدروس الرئيسية   لمحة عن الكاتب   اتصلوا بنا ‎من أجل الدعم والإستفسار  
 
كتب AYP بالعربية




للمزيد من كتب يوغاني المترجمة للعربية
اضغط هنا
 
 
 
 
 
 
 
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>
الدرس 325 – البحث عن الذات مع صلة أو من دون صلة
للأعضاء الجدد: من المفضل قرأة الدروس من البداية، لأنها ضروريةٌ لفهم الدروس الحالية بشكل صحيح. أول درس هو "الهدف وراء هذا الحديث."

في شكله الأنقى، البحث عن الذات يقول أن لا شيء موجود. هناك فقط الوعي الغير مشروط. كل شيء آخر محدود في الزمان والمكان وهو إسقاط نابع من هذا، كل الحياة هي نسج الخيال مثل الفيلم الذي يعرض على شاشة وعينا. إن إدراكنا الحسي للحقيقة المادية سببه تماثلنا مع كل ما ندركه بالحواس. كما شرحنا في الدروس السابقة، الشاهد هو وعي مستقل عن كل الأشياء التي ندركها حسياً. لكن، الشاهد موجود بالفعل مع هذه الأشياء. إن الأشخاص الذين يمارسون التأمل العميق يومياً يعلمون ذاك مع الوقت. نستطيع وصف تلك العلاقة على الرغم أنها تتعدى كل الأوصاف. إنه لغز. كما سنرى، الوصول إلى ما وراء اللغز هو مفتاح البحث عن الذات الفعال.

إن تواجد الشاهد مع الأشياء أمر مرفوض من قبل الذين يمارسون أنواع البحث عن الذات من دون أي مساومة حتى وهم يتعاملون مع الأشياء ويقومون بأعمالهم اليومية السهلة أو المعقدة. إنهم يؤكدون أنه ليس هنالك من أشياء. في مناهج البحث عن الذات من دون مساومة، التعليمات هي ترك الحياة تحصل و أن نبقى في هذا الموجود وراء الوهم. يقال لنا، "كونوا هذه الشاشة البيضاء من وراء الفيلم".

كل ذلك هو حسن وجيد. إنها الحقيقة. نحن هذا وكل الأشياء هي إسقاط لهذا. لكن، هذا النوع من التفكير مجرد تفكير في حال عدم وجود الشاهد المستمر في حين تفكيرنا بهذه المفاهيم. وهنا المشكلة. خلل في المنطق الذي لا تشوبه شائبة للبحث عن الذات المحض والغير مساوم.

البحث عن الذات الغير مساوم يقول أن ممارسة هذا النوع من المنطق لفترة كافية، يؤدي إلى التسليم بالتالي إلى إختبار هذا الذي يتعدى اللعبة التي تحصل في الزمان والمكان والتي لا حقيقة لها أبداً. هذا الإختبار يحصل في لحظة. هكذا يقال.

هناك تناقض في هذا المنهج. ليس للجميع، ولكن لنسبة كبيرة من الممارسين. المشكلة هي أنه بالنسبة إلى الأشخاص الذين ما زالوا بحاجة لتنمية الصمت الداخلي المستمر (الشاهد)، هذا النوع من البحث عن الذات سيكون فقط عملية فكرية. إن الشيء الذي يحاول التسليم هو أيضا شيء موجود في الفكر. فإذاً إنها أفكار عن الأفكار. الفكر يلعب مع الفكر. الأمر قد يستمر لفترة طويلة جداً. يا له من وهم!

هذا النوع من البحث عن الذات قد يؤدي إلى الكثير من المشاكل في الحياة - إلى موقف من العبثية و فقدان الحافز على الإنخراط في الحياة. إن مجرد تأكيد عدم الثنائية (التوحيد الغير ظاهر) و عدم وجود الثنائية (التوحيد بالإضافة إلى التنوع) قد يؤدي إلى فقدان الأمل إذا الممارس لا يختبر ولو جزئياً الشاهد، الشاشة وراء فيلم الحياة.

الأمر مثل الطلب من عصفور لم تقوى أجنحته بعد، القفز من أعلى البناية. إن العصفور الذي يملك أجنحة نامية وتعمل جيداً سيقول بإستمرار للعصفور مع أجنحة ضعيفة: "هيا، تستطيع فعل ذلك. فقط أقفز. لا تقلق بشأن الأجنحة."

هل فهمت؟ يجب أن تكون الأجنحة قوية أولاً، من ثم نستطيع الطيران. حان الوقت أن نواجه الواقع، إن مقياس واحد من البحث عن الذات لا يناسب الجميع. إن وصفات البحث عن الذات على شكل أحجية عقلية وصيغ فكرية لا تناسب الجميع.

بالأحرى، إن البحث عن الذات هو نتيجة متصلة بدرجة الصمت الداخلي الذي نختبره على شكل حضور فينا. إنه الشاهد. إنه الشيء الحقيقي. إنه الشاشة البيضاء وراء فيلم الحياة. عندما نقوم بالبحث عن الذات من هذا الموقع، عندها سيكون عندنا علاقة ما بين الوعي (الشاهد فينا) والفكرة. عندها يحصل إدراك حميم صامت للحقيقة التي تعبر عنها الفكرة. هذه هي المعرفة.

من ناحية أخرى، إذا كنا نتماثل جداً مع أفكارنا ونرى أنها ماهيتنا، عندها إن فكرة أفكارنا ستتفاعل مع فكرة ذاتنا – أي فكرتين تتفاعلان معاً. أي قصور مبنية في الهواء. كل هذا يحصل في الفكر.

من المهم أن نميز ما بين هاتين الحالتين، وكيف أن النقلة ستحصل عفوياً فينا، نتقل إلى علاقة حقيقية مع أفكارنا، مشاعرنا وإدراكنا لمحيطنا مما يؤدي إلى فهم مباشر لماهيتنا. إذا نمينا فهم واضح لعمل الفكر ولوجودنا الحقيقي، عندها سنجد أننا نتخطى تماثلنا مع الأشياء، من ضمنها أفكارنا. سنتخطى أيضاً العمليات الفكرية في البحث عن الذات. عندها فقط نصل إلى البحث عن الذات الحقيقي. الصمت الداخلي المستمر (الشاهد) هو هذا الذي يذيب التفكير من أول سؤال. كما أن هذا موجود في كل الأجوبة مع الثبات. بالطبع هذا ممكن فقط بحال تنمية الشاهد بواسطة التأمل العميق اليومي.

لنتمكن من سبر موقعنا، من الجيد أن نحدد معايير لمعرفة أين موقعنا في الطريق الروحي وفي جهودنا بالبحث عن الذات. تلك المعايير لما كانت ضرورية لو أن جميع من يمارس البحث عن الذات يأتي من ذات الموقع – من موقع الشاهد الداخلي. لكن هذه ليست الحال، لذا بعض التفريق أمر ضروري.

الحقيقة هي أن معظم البحث عن الذات الذي يحصل في أيامنا هو من دون صلة (أي من دون وجود الشاهد- ليس تدريجي) وغالباً يعطي نتائج عكسية في التقدم الروحي لأنه يضيف طبقات من الحقائب الفكرية من دون تنمية لوعينا العفوي. من سخرية القدر، إن ممارسات فعالة في تنمية الشاهد مثل التأمل العميق يتم تجنبها لمصلحة ممارسة هذا النهج الجامد الذي لا ينمي علاقة ما بين الأشياء التي ندركها بالحواس والشاهد. إذاً، معظم البحث عن الذات في أيامنا هو بهذا الشكل، والكثيرون يصلون إلى حائط مسدود. هذا ليس ضروري!

من ناحية أخرى، بالنسبة إلى الأقلية التي تملك صمت داخلي مستمر منذ سن مبكرة، سيكون هناك علاقة موجودة ما بين الأفكار، الإدراك الحسي والوعي الغير مشروط . في هذه الحالة، إن البحث عن الذات هو مع صلة. هؤلاء الأشخاص "يقظين عفوياً"، إنهم متنورين عفوياً فيفاجئونا بتبصرهم، وغالباً يعبدون ويتم تقليدهم. هناك جو من التفرد عندهم، قد يؤدي بشكل غير مقصود إلى التفرقة والتمييز. بالتالي يصبح الإنتماء إلى المجموعة أهم من التنور. كلنا قد لاحظنا ذلك، أليس كذلك؟

إن التنور ليس حالة من التفرد والتمييز المحصور لبضعة أشخاص. كما أن الأشخاص الباقين ليس محكوم عليهم تكرار تعليمات مثل "فقط كون". كلا. عند إضافة التأمل العميق وممارسات أخرى تشجع تنمية الشاهد، يصبح البحث عن الذات مع صلة (في الثبات) ويصبح الإدراك المباشر للحياة رقصة لفرح دائم في الفراغ. هذا يحصل عند الجميع من دون استثناء.

البحث عن الذات مع صلة يعني علاقة تدريجية وحميمة ما بين الأفكار وصمتنا الداخلي الراسخ. عندما نصبح نشاهد عفوياً أفكارنا على أنها مجرد أشياء، يحصل تحول ما. يحصل إنضمام، فتذوب الفكرة مع معناها في الثبات. عندها نعلم الحقيقة. الأمر ذاته ينطبق على مشاهدة المشاعر وعلى مشاهدة الأشياء الخارجية في العالم. مع ظهور الشاهد، كل إدراكنا يصبح مع صلة ومتطور روحياً في حياتنا اليومية.

على سبيل المثال، إذا سألنا "من أنا؟"وتركنا السؤال يذهب في ثباتنا، ستظهر الإجابة، ليس على شكل فكرة، بل كجزء منا، في الوجود. سنعلم من نحن من دون أن نتماثل مع محيطنا، جسدنا، الأفكار و المشاعر. إذا كنا نعمل على تنمية الصمت الداخلي بواسطة التأمل العميق اليومي، ستظهر الإجابة بشكل متزايد مع الوقت. في نهاية المطاف كل ما كنا نظن انه "الآخر" سيرقص في حقل وعينا مثل الأمواج التي ترقص على الأعماق الثابتة والغير متحركة للمحيط. هذا هو البحث عن الذات مع صلة، وهو لا يتناقض مع الحياة العادية. بل هو يتمم الحياة العادية.

من ناحية أخرى، إذا رددنا بفكرنا "من أنا؟ من أنا؟ من أنا؟" من دون وجود كافي للثبات أو حضور للشاهد من دون تسليم الفكرة إلى الثبات، عندها يكون بحث عن الذات من دون صلة. مما قد يخلق الكثير من الإحباط ووجع للرأس. من الأفضل الذهاب من وراء كل هذا أي تنمية الثبات الداخلي فينا. هذا أمر ممكن. من بعد ذلك، نستطيع التسليم بسهولة للثبات الداخلي عندما نمارس البحث عن الذات.

في أنشطتنا اليومية وعلاقاتنا، قد نميل إلى البحث عن طبيعة تجاربنا وتفاعلاتنا التي نصادفها. إذا غضب منا شخص ما، وقمنا بإجابته بغضب أيضاً، نستطيع البحث كالتالي: "هل غضبي مبني على الحقيقة؟" من ثم نترك الفكرة للثبات. إذا كنا مترسخين في الشاهد، الجواب سيظهر لنا. سنعلم أن غضبنا سببه تماثلنا الغير صحيح مع الجسد – الفكر. إننا نظن خطأ أن ذاتنا هي الجسد – الفكر. مع تماثلنا مع غضب شخص آخر، قد نميل لعكس ذلك تماما مثل المرآة. لكن هل هذه هي الحقيقة؟ ألا نستطيع بنفس السهولة أن نعكس غضب شخص ما بإعطاء جواب نابع من المحبة؟ ماذا سنخسر إذا جاوبنا بمحبة؟ فقط سنخسر الغضب. هذه ليست خسارة بل ربح. إن الشاهد الراسخ يعطينا المقدرة على القيام بهذا الخيار. أما قبل ظهور الشاهد، كانت ردة فعلنا سلبية لمواجهة سلبية الشخص الأخر. إن الشاهد يضعنا في موقع الإختيار، وعندما نملك هذا الخيار نملك الخيار في أخذ الطريق السريع نحو التنور. هذا هو الفرق ما بين العيش من دون ثنائية والعيش مع ثنائية. هذا هو الفرق ما بين البحث عن الذات مع صلة أو من دون صلة.

في الحياة تحصل الكثير من الأمور التي تحرك التوتر والغضب الكامن فينا بسبب عادات وقصص دراماتيكية متجذرة في أعماقنا منذ القدم. نستخلص إستنتاجاتنا عن كل موقف في الحياة بناءً على هذه العادات. إننا أبطال هذه الدراما والأشخاص الآخرين هم الأعداء. لا يجب أن تكون الأمور على هذا النحو. عندما نبدأ برؤية العالم وأنفسنا من منظار صمتنا الداخلي، سنرى أيضاً أننا نستطيع تغيير تفاعلنا مع الأشياء. سنجبر على ذلك، لأن الحقيقة الظاهرة فينا لا تتماشى مع عاداتنا الغير إرادية والتي كانت تظهر في كثير من النواحي. سنشعر ببعض من الإنزعاج مع نمو وعينا. لذا نبدأ بالقيام بخيارات مختلفة في كيفية رؤيتنا لحياتنا وتصرفنا في العالم الخارجي وفقاً لما نشعر به الآن. وفي نهاية المطاف، هذا يؤدي إلى تحررنا. هذه العلاقة المتطورة مع مشاعرنا هي جزء مهم من البحث عن الذات مع صلة.

إذا قمنا بهذه العملية الإلهية بواسطة فكرنا، سيحصل إجهاد وسنقع في فخ البحث عن الذات من دون صلة، أي ننمي المزيد من الهياكل الفكرية بطرق لا ننتبه لها. الصلة هي في التسليم، أي نسمح بحصول تطهرنا وإنفتاحنا بشكل عفوي وطبيعي. من دون صلة يعني تصور وتعلق بالنتائج من ضمنها التعلق بالتسليم!

هذا هو الفرق ما بين النظرية والتطبيق. النظرية هي التفكير بالأفعال. أما التطبيق فهو الأفعال بحد ذاتها. عند التطبيق، يصبح الفعل من دون أي فعل. معظم البحث عن الذات الممارس في أيامنا هو مجرد نظريات وفلسفة. البحث عن الذات الحقيقي هو بالتطبيق، الشيء بحد ذاته أي إنخراط الشاهد في العمل و من ثم التسليم.

لماذا علينا أن نقلق بشأن الصلة أو عدم الصلة؟ ليس علينا القلق كثيراً. نحن لا نريد أن نضيف المزيد من الأمتعة الفكرية. فقط إفهم أن البحث عن الذات لا يعني القيام، التصور أو الحصول على أي شيء. البحث عن الذات الحقيقي هو تخطي آليات الفكر بواسطة بحوث بسيطة وأجوبة أوتوماتيكية تظهر تلقائياً في الثبات. إنه السماح للشاهد بمشاهدة ما يحصل في داخلنا ومن حولنا. الأمر بسيط جداً.

إذا كان هناك إجهاد فكري، سنعلم عندها أن هناك بحث عن الذات من دون صلة حاصل لنا. عندها، نقوم بالتثبيت الذاتي في ممارساتنا لنشعر بالراحة من جديد. إذا ظهرت مشاعر قوية، سنعلم أننا نتحدى الفجوة ما بين العيش مع صلة أو من دون صلة. سنعبر فوق هذه الفجوة. عندما نقوم بذلك، سندخل الأرض الموعودة حيث كل شيء نقوم به هو على صلة في الثبات. هذه هي الحياة المسماة الثبات في النشاط.

في الدرس المقبل، سنلقي نظرة على بعض أنواع البحث عن الذات وكيف نستطيع العبور فوق الفجوة.

المعلم في داخلك.
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>