الصفحة الرئيسية   الدروس الرئيسية   لمحة عن الكاتب   اتصلوا بنا ‎من أجل الدعم والإستفسار  
 
كتب AYP بالعربية




للمزيد من كتب يوغاني المترجمة للعربية
اضغط هنا
 
 
 
 
 
 
 
 
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>
الدرس 308 – الإدمان والنزوات
للأعضاء الجدد: من المفضل قرأة الدروس من البداية، لأنها ضروريةٌ لفهم الدروس الحالية بشكل صحيح. أول درس هو "الهدف وراء هذا الحديث."

كل ما نحققه في الحياة مبني على العادة. نحن مخلوقات تتبع العادة، ونستطيع إستعمال هذا لمصلحتنا. من ناحية ثانية، قد نتبع عادات ليست من مصلحتنا. معظم ما نقوم به لتحسين حياتنا له علاقة مباشرة بكيفية إدارتنا لعاداتنا.

إذا بدأنا بممارسة روحية مثل التأمل العميق، إن نجاحنا في تلك الممارسة لا يعتمد على تجربة ممتعة قد نختبرها اليوم، غداً أو اليوم الذي يليه. بل يعتمد نجاحنا على مقدرتنا في المحافظة على ممارسة يومية على مدى الأشهر والسنوات أثناء كل الصعود والهبوط المؤكد في ظروفنا الحياتية. إن عادتنا ستقودنا على الطريق. قد نقول أيضا أننا "مدمنين" على عادة الممارسة الروحية.

ما هو الإدمان؟ إن أبسط تعريف للإدمان هو عادة عميقة جداً لدرجة أننا لا نستطيع أو لا نريد أن نغيرها. هناك عادات مفيدة مثل الإدمان على الإنفتاح الإلهي من دون حدود. كما قد يكون تفاني لا يتزعزع لهدف ما، مثل الهوس. البعض يرى هذا الأمر على أنه أمر سيء. لكن الإدمان على الإنفتاح الإلهي يؤدي في النهاية الى التعالي عنه. إنه إدمان للإستسلام، إدمان على الإستغناء – إحدى الأسرار الضرورية لتطوير الإخلاص (البهاكتي) في حياتنا الروحية. إنه إستسلام نشيط.

من ناحية أخرى، هناك إدمان يؤخر تطورنا الروحي وقد يؤخر تقدمنا في عدة نواحي من الحياة. إنها أنواع من الإدمان التي تحافظ وتزيد على العقبات للصمت الداخلي فينا. إنه إدمان كيماوي أو نفسي. إن الإدمان الأكثر ضرراً هو الذي يتضمن الإثنين معاً. إن إدمان مدمر يعطينا شعور مصطنع بالراحة لكنه يؤخر التقدم الفعلي في ذات الوقت.

إن المواد المدمنة التي نستهلكها تتضمن التالي:

الكحول

التبغ

المخدرات

الكافيين

السكر المكرر

الأدوية والإضافات الغذائية

الأكل بكثرة بشكل متكرر

الأكل القليل بشكل متكرر (أنوركسيا)

إن تلك المواد المذكورة، في حال إستهلاكها بحذر وبإعتدال قد لا تكون مضرة. في الواقع، إن الطريق نحو الصحة و السعادة مبني على الإعتدال في كل الأشياء.

من ناحية أخرى، أي طعام أو مادة تستهلك بشكل مبالغ به (حتى الماء) هو إدمان سلبي. كما أن الهوس في إستهلاك القليل هوأيضا إدمان. إن الإدمان قد يكون في التصرفات، أي ليس فقط في ما نستهلك، بل أيضا في كيفية تصرفنا مع محيطنا بطرق قسرية. قد لا نعترف بالإدمان الغير منتج والمضر لأنه يتكرر من خلال العادات الهوسية المتجذرة في اللاوعي. إن معظم تطورنا الروحي الناتج عن ممارسات مثل التأمل العميق وبراناياما التنفس السنسلي يتصل بفك التصرف الهوسي الذي يؤخر نمونا الطبيعي.

كيف نتخطى الإدمان السلبي؟ بواسطة نفس الطريقة التي نتخطى بها أي عادة على أنواعها، عادات الطعام أو غيرها والتي تؤذي صحتنا وسعادتنا. إن الرحلة ستكون دائماً داخلية تؤدي الى الإستسلام للتطور والإيجابية في ذاتنا. إن الممارسات اليوغية مصممة لذلك. إنها تنظف الوحول عن الزجاج الأمامي للجهاز العصبي بالتالي تصبح كل الأمور تدريجياً واضحة أكثر بكثير ونستطيع الإبحار في الحياة بوضوح أكبر وهدف.

في حالة الإدمان السلبي والقوي، إن الممارسات اليوغية ليست كافية. عندها، نملك الخيار في اللجوء لطرق أكثر مباشرة لتخطي تلك العادات السلبية والقسرية. إن برنامج الخطوات الأثنا عشر الذي أنشأته جمعية ALCOHOLIC Anonymous, هو أكثر برنامج فعالية لمعالجة الإدمان السلبي والقوي. لقد تم توسيعه ليشمل كل انواع الإدمان القسري. إنه نوع من اليوغا. إنه يتضمن الإعتراف بأننا لا نستطيع ان نغير أنفسنا لوحدنا والإستسلام الى قوى أعظم. ما أن نستطيع أن نقوم بذلك في أي ناحية من نواحي الحياة، تظهر قوة عظيمة تساعدنا في الأوقات العصيبة. إن برنامج الخطوات الأثنا عشر هو متخصص في تطبيق مبادئ الرغبة والإستسلام للتغلب على الإدمان السلبي مما يؤدي الى حياة أكثر سعادة وصحة.

إن النزوات هي شكل آخر للتصرف القسري الذي يؤخر تقدمنا. هناك فكرة شائعة تقول التالي: إذا القليل من شيء ما مفيد لنا، عندها الكثير منه سيكون افضل. البعض يتبع تلك الفكرة لدرجة التصديق أن فقط القيام بهذا الشيء لوحده سيخلصنا من كل ما يزعجنا ويوصلنا (و العالم أجمع!) الى التنور أيضاً. للأسف الأمور لا تحصل هكذا. إن هذا النوع من التصرف الهوسي نسميه أعراض الحل السحري.

إن التطور المستمر في الحياة خصوصاً روحياً، يتطلب تطبيق طرق تدعم بشكل واسع التحرك التدريجي نحو حياة متوازنة وصحية من كل النواحي. إن مبدأ الحل السحري لتصميم نظام صحي افضل، روتين ممارسة روحية وأسلوب حياة معين، كلها تدل على نفس التصرف القسري والسلبي الذي نجده وراء كل إدمان سلبي. ما زلنا نتبع الفكر المنطقي الذي يفترض أن القيام بالمزيد من هذا الشيء لوحده فقط سيجعلنا أفضل حالاً. بمعنى آخر، إن إتباع النزوات أكثر صعوبة من كشف إدمان سلبي معروف. إن النزوة قد تستمر لفترة طويلة جداً. في النهاية،عندما تفشل تلك النزوة في إسعادنا، نبرر فشلها لعدة اسباب أخرى نخترعها. من ثم قد نفتش عن حل سحري جديد. الأمر يشبه الإدمان السلبي. البعض قد يمضي كل حياته في البحث عن الكأس المقدسة، من دون أن يعلموا أن الكأس المقدسة موجود في الأصل فينا من خلال نهج معتدل وثابت يتضمن طرق روحية فعالة وخيارات موزونة في أسلوب حياتنا تظهر بشكل عفوي.

إن التعرض للشمس لوقت قليل بشكل منتظم أمر صحي، لكن هل التعرض للشمس لساعات كثيرة متواصلة أمر صحي؟ الجواب هو كلا.

إن إستهلاك حبة من الفيتامين يومياً قد يحفز غذائنا. لكن هل إستهلاك عشرة أو عشرين حبة أمر مفيد لصحتنا؟ من الممكن، لكنه سيؤدي أيضا الى نتائج جانبية سلبية، بعضها قد تهدد صحتنا.

كما ان الإستعمال الحكيم لأدوية نحصل عليها بوصفة طبية أو من دون وصفة طبية، يخفف عدم الراحة ويمدد فترة حياتنا. هل نحن بحاجة الى دواء لكل مشكلة صحية صغيرة نواجهها؟ إن برامج تسويق شركات الأدوية تقول نعم (لأسبابها المعروفة)، لكن صمتنا الداخلي يقول لنا العكس.

من الجيد أن نستشير الإختصاصيين عندما نفكر بإستهلاك إضافات غذائية ووصفات طبية خصوصاً إذا كنا نشك بمشكلة صحية جدية. لكن إذا وصلنا لدرجة بلع حبوب الأدوية للتعويض عن أسلوب حياة غير صحي، أو إننا نأخذ أدوية لمعالجة النتائج السلبية لأدوية أخرى، عندها هناك مشكلة جدية. إنها النزوة الغير مسيطر عليها. قد يحصل هذا أيضاً في الميدان المهني المحترف. النزوات ليست موجودة فقط في الأفراد. قد تكون موجودة أيضاً في مؤسساتنا.

إن المبالغة قد تحصل حتى في المساعي الصحية مما يؤدي الى نتائج أقل. مما يعيق صحتنا وتطورنا الروحي تماماً مثل اي نوع آخر من الحياة الغير صحية.

بإختصار، إن الطريق الأكثر أماناً هو الإعتدال في كل شيء. الأمر ينطبق على الممارسات الروحية أيضاً. التمنية الثابتة للصمت الداخلي المسيطر وحركة النشوة..

إذا كنا نميل للإدمان، فيلكن إدمان على كل كا هو تفتح إلهي. هذا نوع من الإدمان يستطيع أن يتخطى ذاته نحو الغير محدود!

المعلم في داخلك.
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>