الصفحة الرئيسية   الدروس الرئيسية   لمحة عن الكاتب   اتصلوا بنا ‎من أجل الدعم والإستفسار  
 
كتب AYP بالعربية




للمزيد من كتب يوغاني المترجمة للعربية
اضغط هنا
 
 
 
 
 
 
 
 
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>
الدرس 304 – النظام الغذائي، الكونداليني ودورة الرحيق
للأعضاء الجدد: من المفضل قرأة الدروس من البداية، لأنها ضروريةٌ لفهم الدروس الحالية بشكل صحيح. أول درس هو "الهدف وراء هذا الحديث."

ليس من الغريب أن نظام غذائي جيد لصحتنا هو أيضاً نظام يستطيع أن يساعد في تطورنا الروحي.

هل أن النظام الغذائي هو أول ممارسة روحية؟ البعض يؤمن أن كل شيء يتم حله عبر النظام الغذائي وقد يقومون بممارسات غريبة في تناول الطعام أوعدمه. علينا أن نكون واقعيين، إن النظام الغذائي هو عامل مساعد للتطور الروحي وليس سبباً أولياً. لو كان سبباً أولياً لكانت سوترا اليوغا القديمة قد ذكرت النظام الغذائي كواحد من مراحل اليوغا المهمة ولكنا حصلنا على المزيد من المتنورين المتحمسين للنظام الغذائي يركضون يميناً ويساراً. في سوترا اليوغا، إن النظام الغذائي هو نقطة ثانوية مذكورة ضمن الطهارة أي في النياما (المراعاة). بمعنى آخر، إن الأكل والصوم لا يؤديان الى التنور لكن نستطيع الإستفادة كثيراً في طريقنا الروحي مع نظام غذائي جيد في حال قيامنا بممارسات قوية مثل التأمل العميق، براناياما التنفس السنسلي، الأساناز، مودرا، باندها الخ… عندها النظام الغذائي يزيد طبقة جديدة للتطهر والإنفتاح لتحفيز فعالية الممارسات الأخرى والتقدم بشكل عام.

كثيراً ما يُقال من قبل الممارسين للتأمل العميق وممارسات روحية اخرى، أن الخيارات الغذائية تتغير بشكل عفوي مع الوقت لتصبح أخف وأكثر غذاءً – النداء من الداخل (راجع الدرس 30). مع ظهور وعينا يظهر إنتباه للطعام الصحي وحاجة عفوية للأكل بشكل صحي. وإذا لم نشعر بتلك الحاجة؟ عندها لا داعي للقلق كثيراً بشأن ذلك. كل الأشياء تحصل في وقتها. إن نظام غذائي وحياتي بالإكراه لا ينجح على المدى البعيد. لذا إعمل من داخلك مع الممارسات الروحية المناسبة من ثم العادات الخارجية ستتبع. كما قال السيد المسيح "إبحثوا عن ملكوت الله أولاً وثم من كل شيءٍ آخر سوف تُملئون."

عند قيامنا بممارساتنا الروحية خلال الأشهر والسنوات، نحن نوجه جهازنا العصبي الى مستوى أعلى من العمل. الكثير من صفات هذا التحول الى مستوى أعلى نستطيع أن نقيسها في النوروبيولوجيا. كما أن القليل من تلك التغييرات نستطيع أن نلاحظه بشكل مباشر. إن عملية معقدة من التطهر والإنفتاح تحصل عند الذين يمارسون الأنظمة اليوغية .

هناك ناحيتين لتطهيرنا وإنفتاحنا وكل واحدة منها تملك دلائل بيوليوجية محددة.

1. ظهور الصمت الداخلي، هدوء داخلي مسيطر أو الثبات الذي يتعدى أفكارنا، مشاعرنا وتقلبات حياتنا اليومية. ندرك أن هذا هو "الذات" فينا.

2.ظهور حركة النشوة (كونداليني) في الجسد – أحاسيس فيها لذة عند تحرك الطاقة فينا ودخولها في كل ناحية من عمل النوروبيولوجيا فينا. ندرك أن هذه هي "الناحية المشعة من ذاتنا".

إن النظام الغذائي ليس السبب الأولي لتلك التغيرات في عمل جسدنا الداخلي، لكنه يساهم في ذلك.

مع إكتشافنا لمزيد من الثبات المسيطر في داخلنا بفضل التأمل العميق اليومي، سنفضل بشكل عفوي الطعام الخفيف والمغذي.

كذلك، مع حصول تحولات في النوروبيولوجيا بفضل تحرك الكونداليني فينا، قد تتغير خياراتنا في الطعام. كما إن بعض التعديلات في النظام الغذائي قد تساعدنا في تخطي بعض علامات الطاقة المفرطة التي قد تحصل مع تقدم إختباراتنا الداخلية. إن الكونداليني مشهورة في علاماتها المتعددة التي قد تتضمن أحاسيس مثل الحرارة أو البرودة في الجسد، وخز في الجلد، ظهور مشاعر قوية، إرتجاجات جسدية أو تحركات جسدية، رؤيا، دوار من حين لآخر أو غثيان إلخ… أحيانا قد يحصل بعض الأوجاع بسبب تحرك الطاقة الداخلية (البرانا) في المناطق التي فيها عقبات داخل جهازنا العصبي. في النهاية كل تلك العلامات تنتهي ويحل مكانها تجارب أهم وأكثر متعة.

حسب نوعية العقبات الموجودة في جهازنا العصبي ودرجة الحذر التي نتبعها في التثبيت الذات في ممارساتنا، قد نختبر القليل من تلك العلامات المزعجة – فقط نختبر زيادة ثابتة في الغبطة والنشوة التي تجلب تحديات (إلهاء عن ممارستنا الثابتة). بغض النظر عن ذلك، عندما تصبح الكونداليني نشيطة، إن معرفة جيدة للمماراسات اليوغية وطرق تنظيمها سيساعدنا كثيراً. إن الذين يختبرون يقظة للكونداليني من دون أي معرفة لتبعات هذه اليقظة، قد يمرون بتجربة صعبة قد تستمر أحياناً لسنوات.

ما أن تبدأ عملية الكونداليني فينا نستطيع إدارتها بواسطة التثبيت الذاتي في ممارساتنا مما يحافظ على التقدم الجيد براحة. نحن نقوم بتحول على المدى البعيد يؤدي الى حالة مستمرة من الصمت الداخلي المستتب، غبطة النشوة والحب الإلهي الذي يشع عفوياً من داخلنا الى الخارج في كل ما نقوم به في الحياة اليومية.

عملية الهضم موضوع أساسي في عملية الكونداليني ولها علاقة بالكثير من العلامات. لذا من المنطقي أن النظام الغذائي يلعب دوراً مهماً. كما أن دورالنظام الغذائي يتغير حسب موقعنا في الطريق الروحي. لفهم ذلك بشكل افضل، لنلقي نظرة على العملية التي تحصل في الجهاز المعوي لشخص عنده كونداليني يقظة وتأثير ذلك على النظام الغذائي.

هناك العديد من النواحي للكونداليني اليقظة، منها جسدي ومنها غير جسدي. نحن سنركز هنا على النواحي الجسدية. لغرض هذه المناقشة سنأخذ الرأي الذي يقول أن الإختبارات الروحية تنتج عن العمليات النوروبيولوجية التي تحدث في الجسد. هناك طرق اخرى أكثر صوفية للنظر الى هذا الموضوع وليس هناك من خطأ في ذلك. إن ذات العملية تحصل مهما كان إختيارنا لطريقة وصفها. عندما نراجع تأثير النظام الغذائي (شات كارما و أمارولي في الدروس اللاحقة) على مسيرتنا الروحية، من المفيد أن نطلع على العملية البيولوجية طالما نستطيع تتبع أثرها من خلال الإدراك المباشر. ليس هناك من شك أن العلم الحديث سيهتم بدراسة نوروبيولوجيا الكونداليني في السنوات والعقود القادمة. إنها الخطوة التالية المهمة للإكتشاف العلمي – أسباب ونتائج التطور الروحي للإنسان!

عادةً ما ينظر الى الكونداليني على أنها طاقة هائلة، كامنة وموجودة في أساس العمود الفقري، عندما تستيقظ تصعد عبر العمود الفقري الى الرأس. هناك، يتم إتحاد ما بين الطاقة الصاعدة والثبات. إن الطاقة هي الأنثى (شاكتي) والثبات هو الذكر (شيفا).

عندما ننظر الى التجربة النوروبيولوجية لهذا الأمر، نستطيع زيادة بعض العوامل التي تتطابق مع الإستعارات الموجودة في العديد من النصوص الدينية حول العالم من ضمنها التوصيفات الأكثر مباشرة والموجودة في اليوغا من الهند والتاو من الصين.

عندما يكون الصمت الداخلي المتوفر كافياً جراء الممارسة اليومية للتأمل العميق، من ثم يتم إدخال الجسد والتنفس في تلك العملية من خلال براناياما التنفس السنسلي، أساناز، مودرا، باندها وطرق التانترا الجنسية، سنلاحظ حصول ثلاثة أشياء:

1. توسع في الطاقة الجنسية من منطقة الحوض صعوداً، والبعض منها يتغلغل في الجهاز المعوي.

2. حبس التنفس العفوي في الجهاز المعوي.

3 . تفاعل الطعام مع الخلاصات الجنسية والهواء في الجهاز المعوي.

إن المزج العفوي لهذه العوامل الثلاث في الجهاز الهضمي من خلال ظهور شكل أعلى من الهضم يخلق مادة جديدة تنبعث من الجهاز المعوي تتخلل في كل الجسد. معظم هذا التخلل يحصل عند دخول تلك المادة الى قناة العمود الفقري فتصعد من خلال تجويفة الصدر الى الرأس. إن تلك المواد المتسللة والمسكرة جداً التي تنتج في الجهاز المعوي، لديها الكثير من الأسماء. الإسم السائد في اليوغا هو سوما.

إن كلمة سوما تعني أيضاً نوع من النبات المهلوس، نحن لا نتكلم عن ذلك. في التاو،عندما يقوم الجهاز المعوي بشكل أعلى من الهضم، يصبح إسمه كالدرون أي الإعتراف بالكيمياء التي تحصل – ثلاث مواد عادية (الخلاصة الجنسية، الهواء والطعام) يتم دمجها لخلق مادة عظيمة هي مفتاح عملية التحول الروحي عند الإنسان.

العملية تستمر في الرأس مع المزيد من الصقل الذي يحدث في الدماغ مما يؤدي الى مادة أخرى تنبعث عبر الجيوب الأنفية نزولاً الى ممرات الأنف الداخلية، من ثم الحلق ونزولاً الى الجهاز المعوي مجدداً حيث تتصل بالعملية التي شرحناها سابقاً. إن إعادة تدوير تلك الخلاصات اللطيفة يؤدي الى عملية أكثر صقلاً في الجهاز المعوي. إن المادة التي تنزل من الدماغ الى الجهاز المعوي إسمها أمريتا (رحيق) في التقاليد اليوغية. أحياناً قد نختبرها على شكل رائحة حلوة في الممرات الأنفية ونكهة حلوة في الفم.

إن التجربة الشاملة لدمج وتحويل المواد، وإعادة تدوير الخلاصات الناتجة يؤدي الى تدفقات كبيرة من النشوة في كل الجسد والى إشعاع للطاقة يتعدى الجسد. لذلك السبب يقال إن المتقدمين في الممارسات الروحية يشعون. هناك نوروبيولوجيا محددة وراء كل ذلك. حسب التعابير اليوغية، إن الإشعاع الجسدي لطاقة النشوة يدل على ظهور الصفات الأسطورية وإسمها أوجاس التي هي تعبير قوي للحيوية التي يلاحظها الجميع بسهولة.

إذا بدأنا نفهم أن هذه العملية موجودة بالفعل، وبدأنا نختبر نواحي منها فينا كنتيجة للممارسات اليومية، عندها نستطيع ان ننظر الى النظام الغذائي من منظور مختلف تماماً. كما نصبح ندرك أهمية الشاتكارماز (تقنيات تنظيف الجسد) والأمارولي (علاج البول). كل تلك الطرق هدفها تحفيز وتحسين العملية التي شرحناها.

كما سبق وذكرنا، إن النظام الغذائي ليس ممارسة أساسية في اليوغا، لكنه عامل داعم ومهم. إذا نظرنا إليه من هذا المنظار ندرك كيف أن تعاوننا مع الدوافع الداخلية في إختيار الطعام يستطيع ان يحفز العملية الشاملة التي تحصل في الطريق نحو التنور.

إن هذا المستوى الأعلى من الهضم الذي شرحناه قد يخلق الكثير من الحرارة في الجهاز المعوي وستشع الى الخارج وتغمر كل الجسد. أحيانا يتم تسمية تلك الحرارة حريق الكونداليني. عندما يكون هذا الحريق مشتعلاً، من المفيد أن نأكل طعاماً أثقل. عندها نستيطع إستعمال هذا الحريق (نشاط معوي قوي جداً) لإستهلاك هذه المواد في جهازنا المعوي بطريقة أكثر تنظيماً لإنتاج المزيد من السوما بدلاً من أن يشوينا هذا الحريق من الداخل. هذا هو الشعور الذي نحسه احيانا عندما تكون الطاقة مرتفعة جداً ويكون طعامنا خفيفاً جداً. من الممكن ايضا ان نطفئ هذه الحرائق الداخلية وعدم إتزان الطاقات الداخلية المتصل بها من خلال تطبيق طرق الأيورفيدا الغذائية، التي تاخذ بعين الأعتبار بنية جسمنا، تدفقات الطاقة الداخلية وكيف يمكن لبعض الأطعمة أن تساهم في تفاقمها او تهدئتها. (راجع الدرس 69 )

ببساطة، فقط نصغي الى ما يقوله لنا صوتنا الداخلي بالنسبة الى نظامنا الغذائي ونواحي أخرى في حياتنا اليومية. عندما نقوم بالتأمل العميق يومياً قد نشعر أننا نريد طعاماً أخف. وعندما تصبح الكونداليني نشطة، قد نشعر إننا نريد طعاماً اثقل أحياناً وطعاماً أخف في أوقات أخرى. يعتمد الأمر على ديناميكيات الطاقة التي تحصل في داخلنا وعلى عملية التطهير والإنفتاح التي تتم.

أثناء سفرنا على طريق التنور، نتعلم أن نصغي بشكل جيد الى الصوت الداخلي لنوروبيولوجيتنا.

المعلم في داخلك.
<< الصفحة السابقة    الصفحة التالية >>